قوله تعالى{ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}
قال الطبري حدثنا محمد بن بشار ،قال ثنا هوذة ،قال: ثنا عوف ،عن الحسن في قوله:{ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} قال: لا تجعلها مغلولة عن النفقة{ولا تبسطها}: تبذر: بسرف .
وسنده حسن ،وهوذة: ابن خليفة ،وعوف هو الأعرابي .
وأخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله{ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} ،يعني بذلك البخل .
وقد وردت أحاديث كثيرة في التحذير من البخل ،والترغيب في النفقة ،والصدقة منها:
أخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما ،فأما المنفق فلا ينفق إلا سَبَغَت -أو وَفَرَت- على جلده حتى تخفى بنانه وتعفو أثره ،وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها ،فهو يوسقها ولا تتسع ".
واللفظ للبخاري( الصحيح-الزكاة ،ب مثل المتصدق والبخيل رقم1443 ) ،ومسلم في( الصحيح-الزكاة ،ب مثل المنفق والبخيل رقم1021 ) ،والمعنى أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطى الثوب الذي يجر على الأرض أثر صاحبه إذا مش بمرور الذيل عليه ...والبخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت نفسه فضاق صدره وانقبضت يداه( انظر فتح الباري3/306 ) .
وأخرج مسلم والبخاري بسنديهما عن أسماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنفقي ولا تحصي فيحصى الله عليك ولا توعي فيوعى الله عليك ".
واللفظ للبخاري: ( الصحيح-كتاب الهبة ،هبة المرأة لغير زوجها رقم2591 ) ،ومسلم في( الصحيح-الزكاة ،ب الحث على الإنفاق وكراهة الإحصاء رقم1029 ) ،والمعنى: لا تجمعي في الوعاء وتبخلي بالنفقة فتجازي بمثل ذلك( فتح الباري5/218 ) .
وأخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلقا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ".
واللفظ للبخاري( صحيح البخاري-كتاب الزكاة ،ب قول الله تعالى{فأما من أعطى واتقى} رقم1442 ) ،ومسلم( الصحيح-الزكاة ،ب في المنفق والممسك رقم1010 ) ،قال بن حجر: وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه أو تلف نفس صاحب المال والمراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها( فتح الباري3/305 ) .
أخرج مسلم بسنده الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"قال الله تبارك وتعالى: يا بن آدم !أَنفق أُنفق عليك ".
( الصحيح993-الزكاة ،ب الحث على النفقة ) .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة{ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} قال: في النفقة ،يقول: لا تمسك عن النفقة{لا تبسطها كل البسط} يقول: لا تبذر تبذيرا{فتقعد ملوما} في عباد الله{محسورا} يقول: نادما على ما فرط منك .
وانظر سورة الفرقان آية( 67 ) .