قوله تعالى{وإذ جعلنا البيت مثابة للناس}
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس{مثابة للناس}قال:يثوبون إليه .
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ:لا يقضون منه وطرا .
( التفسير ص46 ) ، وإسناده صحيح .
قال عبد الرزاق ثنا الثوري عن أبي الهذيل عن سعيد بن جبير في قوله{مثابة للناس}قال:يحجون ثم يحجون لا يقضون منه وطرا .
ورجاله ثقات إلا أبا الهذيل وهو غالب بن الهذيل الودي صدوق رمي بالرفض والأثر ليس له علاقة بالرافضة . فالإسناد حسن .
واخرج الطبري بسنده الحسن عن سعيد عن قتادة بلفظ:مجمعا .
وأخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن غالب عن سعيد بن جبير بلفظ:يحجون ثم يعودون .
( المصنف4/112 ) .
قوله تعالى{آمنا{
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية{وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا{يقول أمنا من العدو وان يحمل فيه السلاح ، وقد كانوا في الجاهلية يتخطف الناس من حولهم وهم آمنون لا يسبون .
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله{وأمنا}قال:تحريمه ، لا يخاف فيه من دخله .
قوله تعالى{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
اختلف المفسرون في المراد بالمقام على أقوال:
القول الأول:هو الحجر الذي قام عليه إبراهيم عند بنائه الكعبة .
أخرج البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال:وافقت الله في ثلاث ، أو وافقني ربي في ثلاث ، قلت يا رسول الله:لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى ، وقلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب ...
( الصحيح رقم 4483-التفسير-سورة البقرة ، قوله تعالى{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ) .
واخرج مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في الحديث الطويل والشاهد فيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استلم الركن فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا ، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}فجعل المقام بينه وبين البيت .
( الصحيح رقم 1218-الحج ،ب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ) .
وأخرج البخاري بسنده عن ابن عمر قال:قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام ركعتين ...
( الصحيح 3/484 رقم 1623-الحج ،ب صلى النبي صلى الله عليه وسلم لسبوعه ركعتين ) .
القول الثاني:الحج كله أي الحرم وعرفات .
قال عبد الرزاق:ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله{مقام إبراهيم}قال:الحج كله مقام إبراهيم .
وأخرجه الطبري من طريق ابن جريج به . وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق حجاج عن ابن جريج به وأطول وفيه قال ابن جريج سألت عطاء . وعطاء هذا ابن ابي رباح فالإسناد صحيح . وقد نبه على هذه الفائدة-عدم تصريح ابن جريج باسم والد عطاء-الحافظ ابن حجر فقال:ومن طريق ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس لكن فيما يتعلق بالبقرة وآل عمران ، وما عدا ذلك يكون عطاء هو:الخراساني ، وهو لم يسمع من ابن عباس ، فيكون منقطعا . إلا إن صرح ابن جريج بأنه عطاء ابن أبي رباح . ( العجاب في بيان الأسباب ص د-9 ) .
القول الثالث:عرفة والمزدلفة والجمار .
قال الطبري:حدثني بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء بن أبي رباح{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}قال:لأني قد جعلته إماما ، فمقامه:عرفة والمزدلفة والجمار .
ورجاله ثقات ، وإسناده صحيح . وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن ابن نجيح عن مجاهد بنحوه( التفسير ص46 ) . والصحيح القول الأول لما ثبت في الصحيح وقد رجحه الطبري( التفسير 3/36 ) ، وابن كثير( التفسير1/298 ) ، والبغوي( التفسير1/113 ) .
فصل:وثيقة تاريخية ثابتة عن مقام إبراهيم
قال البيهقي:أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل ، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي ، حدثنا أبو ثابت ، حدثنا الدراوردي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها أن المقام كان زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي بكر رضي الله عنه ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
ذكره ابن كثير ثم قال:وهذا إسناد صحيح مع ما تقدم .
( التفسير 1/299 ) .
ويقصد بما تقدم الآثار التالية عن الإمام انس بن مالك وقتادة ومجاهد .
فقال عبد الله بن وهب:أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، ان أنس ابن مالك حدثهم ، قال رأيت المقام فيه أصابعه عليه السلام ، وأخمص قدميه غير انه أذهبه مسح الناس بأيديهم .
( انظر المصدر السابق ) . وإسناده صحيح إلى انس .
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}إنما أمروا ان يصلوا عنده ، ولم يؤمروا بمسحه . ولقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها . ولقد ذكر لنا بعض من رأى أثر عقبه وأصابعه فيه ، فما زالت هذه الأمة يمسحونه حتى اخلولق وانمحى .
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج حدثني عطاء وغيره من أصحابنا قال:أول من نقله عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وذكره ابن كثير ، والحافظ ابن حجر وصحح إسناده( فتح الباري8/169 ) .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ثنا ابن أبي عمر العدني قال: قال سفيان:كان المقام في سقع البيت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم-فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي صلى الله عليه وسلم-وبعد قوله{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}قال:ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا ، فرده عمر إليه . وقال سفيان:لا أدري كم بينه وبين الكعبة قبل تحويله . قال سفيان:لا أدري أكان لاصقا بها ام لا .
وسفيان هذا هو ابن عيينة ، كما صرح ابن كثير حيث نقل رواية ابن أبي حاتم كاملة( التفسير1/300 ، 299 ) .
قوله تعالى{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
قال ابن أبي حاتم:حدثني سهل بن بحر العسكري بالري ثنا جعفر بن حميد انا ابن المبارك عن زكريا بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}قال:مدعى .
ورجاله ثقات ، إلا العسكري صدوق فالإسناد حسن .
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال:أمروا ان يصلوا عنده .
قوله تعالى{وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين}
قال الطبري:حدثنا احمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير{أن طهرا بيتي للطائفين}قال:من الأوثان والريب .
وأخرجه أيضا من طريق ابن جريح عن عطاء به . وعطاء هو ابن أبي رباح كما قرر الحافظ ابن حجر في مقدمة الكتاب( العجاب في بيان الأسباب ) . ورجاله ثقات إلا أحمد صدوق فالإسناد حسن .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسين ثنا يحيى بن خلف ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة{والطائفين}قال:الطائفون:من يعتنقه .
ورجاله ثقات إلا يحيى بن خلف:صدوق فالإسناد حسن .
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله{أن طهرا بيتي للطائفين}قال:من الشرك وعبادة الأوثان .
( التفسير ص46 ) .
قوله تعالى{والعاكفين}
قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت قال:قلت لعبد الله بن عبيد بن عمير:ما أراني إلا مكلم الأمير ان يمنع الذين ينامون في المسجد الحرام فإنهم يجنبون ويحدثون ؟. قال:لا تفعل فإن عمر سئل عنهم فقال:هم العاكفون .
ورجاله ثقات ، وإسناده صحيح وذكره ابن كثير ثم قال:وقد ثبت في الصحيح أن ابن عمر كان ينام في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عزب . ( التفسير1/301 ) .
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة{والعاكفين}قال:العاكفون أهله .