قوله تعالى{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون}
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله{وتدلوا بها إلى الحكام}قال:هذا في الرجل يكون عليه مال ، وليس عليه فيه بينة ، فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام وهو يعرف ان الحق عليه ، وقد علم انه آثم آكل حراما .
أخرج البخاري عن ام سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض ، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار ، فلا يأخذها ". ( الصحيح-الشهادات ،ب من أقام البينة ح2680 )ومسلم( الصحيح-الأقضية ،ب الحكم بالظاهر ح1713 ) .
وذكره ابن كثير ثم قال:فدلت هذه الآية وهذا الحديث أن حكم الحاكم لا يغير الشئ في نفس الأمر ، فلا يحل في نفس الأمر حراما هو حرام ولا يحرم حلالا هو حلال ، وإنما هو ملزم في الظاهر ، فإن طابق في نفس الأمر فذاك ، وإلا فللحاكم أجره وعلى المحتال وزره .
قال الإمام احمد:ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، ثنا سليمان بن بلال ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن عبد الرحمن بن سعيد ، عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم ".
( المسند5/425 ) . وأخرجه ابن حبان في صحيحه( الإحسان 7/587 ح5946 ) ، والبيهقي في سننه ( 6/100 ) ، كلاهما من طريق سليمان بن بلال ، عن سهيل به .وقد وقع في إسناد البيهقي:عبد الرحمن بن سعد( بدل ) عبد الرحمن بن سعيد ، وقال البيهقي:هو ابن سعد بن مالك ، وسعد بن مالك هو أبو سعيد الخدري ، ورواه أبو بكر بن أبي اويس ، عن سليمان ، فقال:عبد الرحمن بن سعيد ... يعني:كما في رواية أحمد وابن حبان .
وقد رجح الشيخ الألباني رواية( عبد الرحمن بن سعيد )وأنه:عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع أبو محمد المدني( إرواء الغليل5/280 ) . ولعل الصواب عبد الرحمن بن سعد ، وهو ابن أبي سعيد الخدري كما ذهب البيهقي ، وذلك ان عبد الرحمن بن سعيد هو المعروف بالرواية عن أبي حميد ، ولم أقف على من ذكر عبد الرحمن بن سعيد في الرواة عن أبي حميد . وقد وقع اختلاف آخر في إسناد هذا الحديث ، وبين البيهقي في السنن( 6/97 )ذلك الخلاف ، ثم روى بإسناده عن علي وابن حبان –( السنن6/100 ) ، وكذا نقله عن ابن المديني:ابن حجر رحمه الله( مجمع الزوائد 4/171 ) . وهذا من الأدلة أيضا على ترجيح القول ب( عبد الرحمن بن سعيد ) ؛ لأن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ليس من رواة الصحيح . وقال عنه الشيخ الألباني:صحيح( الإرواء5/279 ) . وله شواهد عدة تنظر في( الإرواء )و( تلخيص الحبير 3/46 ) ، غير ان حديث أبي حيد أصح ما في الباب ، كما في( التلخيص )لابن حجر . علما ان لفظ حديث أبي حميد عند ابن حبان والبيهقي: "لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه ...".