قوله تعالى{والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ...}الآية
قال الشيخ الشنقيطي:قوله تعالى{والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}ظاهر هذه الآية شمولها لجميع المطلقات ، ولكنه بين في آيات أخر خروج بعض المطلقات من هذا العموم ، كالحوامل المنصوص على ان عدتهن وضع الحمل ، في قوله{وأولات الأحمال أجلهن ان يضعن حملهن} . وكالمطلقات قبل الدخول المنصوص على أنهن لا عدة عليهن أصلا ، بقوله:{يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن و سرحوهن سراحا جميلا} .
أما اللواتي لا يحضن ، لكبر أو صغر فقد بين أن عدتهن ثلاثة أشهر في قوله{واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} .
( أخرج مالك( الموطأ-الطلاق ،ب ما جاء في الأقراء2/576 ) ، والشافعي( ترتيب المسند 2/60 ) ، والطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن عائشة قالت:الأقراء:الأطهار . وأخرجه الطبري بأسانيد ثابتة عن زيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وغيرهم من التابعين . أخرج احمد( المسند6/424 ، 423 ، 420 )وأبو داود( السنن-الطهارة ،ب في المرأة تستحاض ح 280 )والنسائي( السنن- الطهارة ، ذكر الأقراء 1/121 )عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك عرق فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي فإذا مر قرؤك فتطهري ، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء ".
ثم قال:هذا الدليل على أن الأقراء حيض .
( وصححه الألباني( صحيح سنن النسائي ح205 ) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد{يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}قال:حيض .
واخرج الطبري بسند صحيح عن علي بن أبي طالب بنحوه .
وبأسانيد عن ابن مسعود وعمر بن الخطاب أيضا .
قوله تعالى{ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر}
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى{ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}قال:كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر ، فنهاهن الله تعالى عن ذلك .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره{ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال:لا يحل للمطلقة أن تقول:إني حائض . وليست بحائض ، ولا تقول:إني حبلى . وليست بحبلى . ولا تقول:لست بحبلى ، وهي حبلى .
قوله تعالى{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا}
قال الشيخ الشنقيطي:ظاهر هذه الآية الكريمة أن أزواج كل المطلقات أحق بردهن لا فرق في ذلك بين رجعية وغيرها . ولكنه أشار في موضع آخر إلى ان البائن لا رجعة له عليها ، وذلك في قوله تعالى{يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} . وذلك لن الطلاق قبل الدخول بائن ، كما انه أشار هنا إلى انها إذا بانت بانقضاء العدة لا رجعة له عليها ، وذلك في قوله تعالى{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}لأن الإشارة بقوله{ذلك}راجعة إلى زمن العدة المعبر عنه في الآية بثلاثة قروء . واشترط هنا في كون بعولة الرجعيات أحق بردهن إرادتهم الإصلاح بتلك الرجعة ، في قوله{إن أرادوا إصلاحا}ولم يتعرض لمفهوم هذا لأبنية الإصلاح بل بقصد الإضرار بها ؛ لتخالعه أو نحو ذلك ، أن رجعتها حرام عليه ، كما هو مدلول النهي في قوله تعالى{ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا} .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن عباس قوله{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك عن أرادوا إصلاحا}يقول:إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين وهي حامل ، فهو أحق برجعتها ما لم تضع .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}:في عدتهن .
و بنحوه اخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة .
قوله تعالى{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة}
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن ابن عباس قال:إني أحب ان أتزين للمرأة كما أحب ان تتزين لي المراة لن الله يقول:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} .
قال الشيخ الشنقيطي:لم يبين هنا ما هذه الدرجة التي للرجال على النساء ، ولكنه أشار لها في موضع آخر وهو قوله تعالى{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} ... وقد أشار تعالى إلى نقص المراة وضعفها الخلقيين الطبيعيين ، بقوله:{أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} ... وأشار بقوله:{وبما أنفقوا من أموالهم}إلى ان الكامل في وصفه وقوته وخلقته يناسب حاله ان يكون قائما على الضعيف الناقص خلقة .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله{وللرجال عليهن درجة}قال:فضل ما فضله الله به عليها الجهاد ، وفضل ميراثه على ميراثها ، وكل ما فضل به عليها .