قوله تعالى{يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها} .
قال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ،حدثنا رَوح بن عبادة ،حدثنا عوف عن الحسن ومحمد وخلاس ،عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن موسى كان رجلا حييا ستّيرا لا يُرى من جلده شيء استحياء منه ،فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده: إما برص وإما أدْرة ،وإما آفة .وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى ،فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل .فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها ،وإن الحجر عدا بثوبه ،فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر ،ثوبي حجر .حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون ،وقام الحجر ،فأخذ ثوبه فلبسه ،وطفِق بالحجر ضربا بعصاه ،فو الله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا ،فذلك قوله:{يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها} ".
( صحيح البخاري 6/502 ح 3404- ك أحاديث الأنبياء ) .
قال أحمد بن منيع: حدثنا عباد بن العوام ،ثنا سفيان بن حسين ،عن الحكم ،عن سعيد بن جبير ،عن ابن عباس رضي الله عنهما ،عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله عز وجل:{لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} قال: صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون ،فقالت بنو إسرائيل: أنت قتلته ،وكان أشد حبا لنا منك وألين لنا منك ،فآذوه بذلك ،فأمر الله تعالى الملائكة فحملوه حتى مروا بني إسرائيل ،فتكلمت الملائكة- عليهم السلام- بموته ،حتى عرفت بنو إسرائيل أنه قد مات ،فانطلقوا به فدفنوه ،فلم يطلع على قبره أحد من خلق الله إلا الرّخم ،فجعله عز وجل أصم أبكم .
( المطالب العالية ،ق 126/ب- ك أحاديث الأنبياء ،ب أخبار موسى وهارون عليهما السلام- النسخة المسندة ) .وأخرجه الطبري في تفسيره ( 22/52 ) ،وابن أبي حاتم- كما في تفسير ابن كثر ( 3/520 ) في ( المستدرك 2/579 ) من طرق ،عن عباد بن العوام به قال الحاكم عقبه: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبي .
وقال الحافظ ابن حجر في ( المطالب العالية ) عقب إيراده الحديث عن ابن منيع: هذا إسناد صحيح .وقال مرة: إسناد قوي .( فتح الباري 8/534 ) ثم قال رحمه الله: موفقا بين هذا الأثر وبين الحديث المرفوع في الصحيح والذي فيه أنهم آذوه بقولهم: إنه آدر- قال: وما في الصحيح أصح من هذا ،لكن لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر كما تقدم تقريره غير مرة ) .وقال ابن كثير- رحمه الله- قريبا من ذلك .