قوله تعالى{اعملوا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ...}
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة ،قوله{اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو} ... الآية ،يقول: صار الناس إلى هذين الحرفين في الآخرة . ا . ه .
وهذا المثل ورد شبهه في سورة يونس آية( 24 ) .
قال ابن كثير: يقول تعالى: موهنا أمر الحياة الدنيا ومحقرا لها:{إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد} أي: إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا ،كما قال:{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الدنيا والله عنده حسن المئاب} ثم ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية ونعمة زائلة فقال:{كمثل غيث} ،وهو المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس ،كما قال:{وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا} وقوله:{أعجب الكفار نباته} أي: يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث ،وكما يعجب الزراع ذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار ،فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها{ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما} أي: يهيج ذلك الزرع فتراه مصفرا بعدما كان خضرا نضرا ،ثم يكون بعد ذلك كله{حطاما} أي: يصير يبسا متحطما ،هكذا الحياة الدنيا أولا تكون شابة ثم تكتهل ،ثم تكون عجوزا شوهاء ،والإنسان كذلك يكون في أول عمره وعنفوان شبابه غضا طريا لين الأعطاف ،بهي المنظر ،ثم إنه يشرع في الكهولة فتتغير طباعه وينفذ بعض قواه ،ثم يكبر فيصير شيخا كبيرا ضعيف القوى قليل الحركة ،بعجزه الشيء اليسير ،كما قال تعالى:{الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} .