قوله تعالى:{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير}
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل شيء حواه المسلمون من أموال الكفار فإنه يخمس حسبما نص عليه في الآية ،سواء أو جفوا عليه الخيل والركاب أولا ،ولكنه تعالى بين في سورة"الحشر "أن ما أفاء الله على رسوله من غير إيجاف المسلمين عليه الخيل والركاب ،أنه لا يخمس ومصارفه التي بين أنه يصرف فيها كمصارف خمس الغنيمة المذكورة هنا ،وذلك في قوله تعالى في فيء بني النضير:{وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} الآية ،ثم بين شمول الحكم لكل ما أفاء الله على رسوله من جميع القرى بقوله{ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول} الآية .
قال البخاري: حدثنا علي بن الجعد ،قال: أخبرنا شعبة عن أبي جمرة قال: كنت أقعد مع ابن عباس يجلسني على سريره ،فقال: أقم عندي حتى أجعل لك سهما من مالي .فأقمت معه شهرين ،ثم قال: إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من القوم – أو من الوفد ؟) – قالوا: ربيعة .قال: ( مرحبا بالقوم – أو بالوفد – غير خزايا ولا ندامى ) .فقالوا: يا رسول الله ،إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام ،وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر ،فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا ،وندخل به الجنة ،وسألوه عن الأشربة .فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله وحده ،قال: ( أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟) قالوا: الله ورسوله أعلم ،قال: ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،وإقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،وصيام رمضان ،وأن تعطوا من المغنم الخمس ) .ونهاهم عن أربع: عن الحنتم ،والدباء ،والنقير ،والمزفت – وربما قال: المقير – وقال: ( احفظوهن ،وأخبروا بهن من وراءكم ) .
( الصحيح 1/157 ح 53 – ك الإيمان ،ب أداء الخمس من الإيمان ) .
وقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير ،حدثنا الليث عن عقيل ،عن ابن شهاب ،عن ابن المسيب ،عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان فقال: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ،وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة .فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ) .
( الصحيح 6/616 ح 3502 – ك المناقب ،ب مناقب قريش ) .
وقال: حدثني محمد بن بشار ،حدثنا روح بن عبادة ،حدثنا علي بن سويد ابن منجوف ،عن عبد الله بن بريدة ،عن أبيه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد ليقبض الخمس ،وكنت أبغض عليا وقد اغتسل ،فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا ؟فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له ،فقال: ( يا بريدة أتبغض عليا ؟) .فقلت: نعم .قال: ( لا تبغضه ،فإن له في الخمس أكثر من ذلك ) .
( الصحيح 7/664 ح 4350 – ك المغازي ،ب بعث علي بن أبي طالب عليه السلام وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع ) .
قال مسلم: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ،حدثنا سليمان ( يعني ابن بلال ) ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن يزيد بن هرمز ،أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال .فقال ابن عباس: لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه .كتب إليه نجدة: أما بعد .فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء ؟وهل كان يضرب لهن بسهم ؟وهل كان يقتل الصبيان ؟ومتى ينقضي يتم اليتيم ؟وعن الخمس لمن هو ؟فكتب إليه ابن عباس: كتبت تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء ؟وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة .وأما بسهم فلم يضرب لهن .وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان ،فلا تقتل الصبيان .وكتبت تسألني: متى ينقضي يتم اليتيم ؟فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه .ضعيف العطاء منها .فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس ،فقد ذهب عنه اليتم .وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو ؟وإنا كنا نقول: هو لنا .فأبى علينا قومنا ذاك .
( الصحيح 3/1444 – 1445 ح 1812 – ك الجهاد والسير ،ب النساء الغازيات يرضخ لهم ولا يسهم ) .
قال الترمذي: حدثنا هناد ،حدثنا ابن أبي الزناد ،عن أبيه ،عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدر ،وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد .
( السنن 4/130 ح 1561 – ك السير ،ب في النفل .قال الترمذي: حديث حسن غريب .وأخرجه الحاكم من طريق ابن أبي الزناد وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك 2/128 – 129 و 3/39 ) .وقال الألباني: حسن ( صحيح الترمذي ح 1266 ) ،وأخرجه أحمد{المسند ح 2445 ) عن سريج عن ابن أبي الزناد بأطول منه .قال محققه: إسناده صحيح ) .
قال أبو داود حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا قرة ،قال: سمعت يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمربد فجاء رجل أشعت الرأس بيده قطعة أديم أحمر ،فقلنا "كأنك من أهل البادية ،فقال: أجل ،قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك ،فناولناها ،فقرأناها ،فإذا فيها: ( من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أقيش إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله ،وأن محمدا رسول الله ،وأقمتم الصلاة ،وآتيتم الزكاة ،وأديتم الخمس من المغنم ،وسهم النبي صلى الله عليه وسلم ،وسهم الصفي ،أنتم آمنون بأمان الله ورسوله ) فقلنا: من كتب لك هذا الكتاب ؟قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
( السنن 3/153 – 154 ح 2999 – ك الخراج والإمارة والفيء ،ب ما جاء في سهم الصفي ) ،وأخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان 14/497 ح 6557 ) عن الفضل بن الحباب عن مسلم بن إبراهيم به .قال محققه: إسناده صحيح ..وأخرجه النسائي ( السنن 7/134 – ك قسم الفيء ) ،وأحمد ( المسند 5/77 ،78 ) من طرق عن الجريري عن يزيد به .وذكره ابن كثير في جملة من الأحاديث ثم قال: هذه أحاديث جيدة ) .وصححه الألباني في ( صحيح سنن أبي داود 2/581 ح 2592 ) .
قال النسائي: أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال ،حدثنا محبوب يعني ابن موسى قال ،أنبأنا أبو إسحاق وهو الفزاري ،عن عبد الرحمن بن عياش عن سليمان بن موسى عن مكحول ،عن أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي ،عن عبادة ابن الصامت قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من جنب بعير فقال: ( يا أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم ) .قال أبو عبد الرحمن: اسم أبي سلام ممطور وهو حبشي ،واسم أبي أمامة: صدي بن عجلان .
( السنن 7/131 – ك قسم الفيء ) ،وأخرجه ابن حبان ( الإحسان 11/193 – 194 ح 4855 ) ،وأخرجه الحاكم ( المستدرك 3/49 ) من طريق عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى به بأطول منه .قال الألباني: حسن صحيح ( صحيح النسائي ح 3858 ) وللحديث شاهد عن عمرو بن عبسة .أخرجه أبو داود ( السنن 3/82 – ك الجهاد ،ب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه من طريق أبي سلام عنه به ) .قال الألباني: وهذا سند صحيح رجاله رجال الصحيح غير الوليد بن عتبة وهو ثقة .( الصحيحة 2/718 ح 985 ) و ( صحيح أبي داود ح 2393 ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله:{ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} قال: كان الفيء في هؤلاء ،ثم نسخ في ذلك سورة الأنفال فقال{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} ،فنسخت هذه ما كان قبلها في سورة الأنفال ،وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة الحشر ،وسائر ذلك لمن قاتل عليه .
وانظر سورة البقرة آية ( 177 ) لبيان: اليتامى والمساكين وابن السبيل .
قال الحاكم: أخبرني أحمد بن محمد بن سلمة العنزي ،ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ،ثنا عبد الله بن صالح ،عن معاوية بن صالح ،عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل{إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان} يعني بالفرقان: يوم بدر فرق الله بين الحق والباطل .
( المستدرك 3/23 – ك المغازي ) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ) .
انظر حديث أحمد عن واثلة بن الأسقع المتقدم عند الآية ( 3 – 4 ) من سورة آل عمران .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:{يوم الفرقان} ،يعني: ب{الفرقان} ،يوم بدر ،فرق الله فيه بين الحق والباطل .