قوله: ( والأرض مددناها ) مد الله الأرض مدا ،إذ جعلها صالحة للحياة والمعاش .وهي تبدو في حسن الناظرين وأبصارهم أنها ممدودة ومبسوطة .ولا ينفي ذلك ما ذكر في علم الطبيعة والفلك من أن الأرض في شكل الكرة .
قال الإمام الرازي في هذا الصدد: فإن قيل: هل يدل قوله: ( والأرض مددناها ) على أنها بسيطة ؟{[2441]} قلنا: نعم ؛لأن الأرض بتقدير كونها كرة ؛فهي كرة في غاية العظمة .والكرة العظيمة يكون كل قطعة صغيرة منها إذا نظرنا إليها ،فإنها تُرى كالسطح المستوي .وإذا كان كذلك زال ما ذكروه من الإشكال .والدليل عليه قوله تعالى: ( والجبال أوتادا ) سماها أوتادا مع أنه قد يحصل عليها سطوح عظيمة مستوية فكذا ههنا{[2442]} .
قوله: ( وألقينا فيها رواسي ) الرواسي: الجبال الثوابت الرواسخ واحدتها راسية{[2443]} ؛أي ألقى الله في الأرض الجبال الراسخة المكينة الثقال كيلا تضطرب ( الأرض ) أو تتحرك بأهلها .كقوله: ( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ) أي لئلا تتحرك أو تتمايل .
قوله: ( وأنبتنا فيها من كل شيء موزون ) أي أنبتنا في الأرض من صنوف الزروع والثمرات والنبات بقدر مقدر ومعلوم .قال الزمخشري في تأويل ( موزون ): وزن بميزان الحكمة ،وقدّر بمقدار تقتضيه لا يصلح فيه زيادة أو نقصان .