قوله:{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قرئ قوله: ( ربما ) بالتشديد والتخفيف .فالتشديد على الأصل .والتخفيف لكثرة الاستعمال .وما ،كافة عن العمل فخرجت بها عن كونها حرفا ؛لأن رب ،حرف جر ،وحرف الجر يلزم للأسماء .فلما دخلت"ما "عليها جاز أن يقع بعدها الفعل فخرجت عن كونها حرفا وصارت بمنزلة ( ما ) في طالما وقلما .فإن ( طال وقل ) فعلان ماضيان ،دخلت عليهما ( ما ) فخرجا عن مذهب الفعل .ولا يدخل بعد ( ربما ) إلا الفعل الماضي .وإنما جاء ههنا المضارع بعدها على سبيل الحكاية{[2429]} .
والآية إخبار عن المشركين الظالمين الذين خسروا أنفسهم فصاروا إلى أسوأ المصير ؛فغشيهم بذلك ندم شديد ،ثم تمنوا أن لو كانوا في الدنيا مسلمين لينجوا مما حاق بهم من شديد العقاب .وقيل: نزلت في كفار قريش لما عرضوا على النار تمنوا أن لو كانوا مسلمين .وقيل: إن كل كافر يود عند احتضاره أن لو كان مؤمنا .
وهذه واحدة من أهوال كاثرة جسام تغشى المجرمين الخاسرين ليذوقوا الوبال الشديد .سواء في الدنيا عند الاحتضار ومفارقة هذه الحياة ،أو في الآخرة حيث البلايا والقوارع وكبريات النوازل مما لا يتصوره بشر .نجانا الله من هول ذلك كله نجاة تفضي بنا إلى الأمان والرضوان .