قوله تعالى:{صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ) المراد بالصبغة هنا الإسلام وهو دين الله الحق القائم على الفطرة والحنيفية .وقد سمي بذلك على سبيل الاستعارة والمجاز ؛وذلك لبدوّ مظاهره وأعماله على الإنسان المتدين كما يبدو أثر الصبغ على الثوب ،فالمتدين يتجلى في أفعاله وأقواله كل معاني الدين ومظاهره ،وهو في جميع سلوكه وتصرفاته الشكلية والمظهرية والعملية إنما يسير على هدى من الدين وما يحتويه من مبادئ وقيم .وقوله: ( صبغة ) منصوب على المفعولية لفعل محذوف تقديره الزموا أو اتبعوا وقيل: منصوب على الإغراء ؛أي عليكم صبغة الله .وقيل: بدل من ملة{[144]} .
قوله: ( ومن أحسن من الله صبغة ) ( ومن ) اسم استفهام في محل رفع على الابتداء ،( أحسن ) خبر مرفوع ،( صبغة ) منصوب على التمييز .وذلك سؤال إنكاري .أي ليس من صبغة أحسن من صبغة الله .ليس من دين ولا ملة ولا عقيدة ولا رسالة عرفتها البشرية خير من الإسلام .لا جرم أن الإسلام خير ما عرفت الدنيا من عقائد وملل ومبادئ .وذلك بما يتميز به الإسلام من خصائص عظيمة تخلو منها عامة المذاهب والعقائد والتصورات الأخرى .وبذلك يندد الله تنديدا بالذين يصطنعون لأنفسهم صبغة غير صبغة الإسلام ،كالذين ينتحلون الشرائع والمذاهب والأفكار الضالة يختلقونها من عند أنفسهم لتكون بديلا عن صبغة الله وهي الإسلام .وأيما اختلاق مقبوح كهذا فإنه الكفران والاستكبار والتمرد على الله ،والعياذ بالله .
قوله:{ونحن له عابدون} جملة إسمية مبتدأها الضمير ( ونحن ) وخبره ( عابدون ) أما الواو فهي عطف على قوله ( آمنا بالله ) كذلك يقول المؤمنون الصادقون فهم يقرون أنهم عابدون لله ،ماضون على منهجه الثابت القويم ليظلوا على الدوام عابدين لله ممتثلين لأمره خاضعين لسلطانه وجبروته .