{ صبغة الله} أي صبغنا بما ذكر من ملة إبراهيم صبغة الله وفطرته فطرنا عليها ، وهي ما صبغ الله به أنبياءه ورسله والمؤمنين من عباده على سنة الفطرة ، فلا دخل فيها التقاليد الوضعية ولا لآراء الرؤساء وأهواء الزعماء .وإنما هو من الله تعالى بلا واسطة متوسط ولا صنع صانع .والصبغة في أصل اللغة صيغة للهيئة من صبغ الثوب إذا لونه بلون خاص{ ومن أحسن من الله صبغة} أي لا أحسن من صبغته فهي جماع الخير الذي يؤلف بين الشعوب والقبائل ، ويزكى النفوس ويطهر العقول والقلوب .وأما ما أضافه أهل الكتاب إلى الدين من آراء أحبارهم ورهبانهم فهو من الصنعة الإنسانية ، والصبغة البشرية ، قد جعل الدين الواحد مذاهب متفرقة مفرقة ، والأمة الواحدة شيعا متنافرة متمزقة{ ونحن له} وحده
{ عابدون} فلا نتخذ أحبارنا وعلماؤنا أربابا يزيدون في ديننا وينقصون ، ويحلون لنا بآرائهم ويحرمون ، ويمحون من نفوسنا صبغة الله الموجبة للتوحيد ، ويثبتون مكانها صبغة البشر القاضية بالشرك والتنديد .
قال الأستاذ الإمام:الآية تشير إلى أنه لا حاجة في الإسلام إلى تمييز المسلم من غيره بأعمال صناعية كالمعمودية عند النصارى مثلا ، وإنما المدار فيه على ما صبغ الله به الفطرة السليمة من الإخلاص وحب الخير والاعتدال والقصد في الأمور{ 30:30 فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} .