قوله: ( يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ) يوم القيامة يتبعون صوت المنادي وهو الملك العظيم إسرافيل ؛إذ ينادي الخليقة إلى المحشر ( لا عوج له ) أي لا يزيغون عن ندائه بل يبادرون مسرعين إليه وجلين غير ناكصين ولا هاربين .
قوله: ( وخشعت الأصوات للرحمان فلا تسمع إلا همسا ) أي سكنت الأصوات حينئذ للرحمن لعظيم مهابته وجلاله ( فلا تسمع إلا همسا ) الهمس ،الصوت الخفي ،أو هو صوت وقع الأقدام بعضها على بعض إلى المحشر فلا يُسمع للناس نطق ولا كلام إلا الصوت الخفي الهامس .وذلك مما يغشاهم من أهوال الساعة وقوارعها الرهيبة .
إن هذه الكلمات الربانية بهذه الحروف الهامسة الندية وأنغامها النفاذة الحسان تثير في الخيال ظلالا من العجب والذهول والرهبة .
وهذه المزية القرآنية لا تتيسر ولا تتجلى بمثل هذا القدر في غير القرآن .إنها ألفاظ وحروف قرآنية تنشر في الذهن والخيال صورة جلية محسّة عما يقع من فظائع في يوم القيامة .وما يكاد المرء يقرأ هذه الكلمات والحروف حتى تراوده صورة البعث الهائل ،والحشر الحاشد ،والقيامة بمشاهدها المرعبة الجسام .