قوله: ( قال آمنتم له قبل أن آذن لكم ) الاستفهام للإنكار التوبيخي ؛أي كيف آمنتم له أو به- أي بموسى دون إذن مني لكم ( إنه لكبيركم الذي علمكم السحر ) أي إن موسى لعظيمكم ورئيسكم في صناعة السحر ؛فهو الذي علمكم ذلك .وفرعون موقن في قرارة نفسه انه مفتر وأنه ظالم ،وأنهم لم يتعلموا السحر من موسى وما كان موسى إلا صدوقا .وإنما يبتغي فرعون بذلك توهيم الناس والتلبيس عليهم ليرتابوا فيما جاءهم به موسى فلا يؤمنوا به ولا يصدقوه .ثم شرع بعد ذلك في التوعد والتهديد بإنزال العقاب الأليم بهم وهو التقطيع من خلاف والتصليب على جذوع النخل .وهو قوله: ( فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ) والقطع من خلاف أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) أي يجعلهم مصلوبين على جذوع النخل بعد تقطيعهم من خلاف زيادة في تعذيبهم والتمثيل بهم حتى يموتوا ( ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ) أي لتعلمن هل أنا أشد عذابا لكم أم موسى .وذلك على سبيل التهكم والسخرية والاستعلاء .وأبقى ،يعني أدوم .
لقد فعل فرعون الأثيم فعلته البشعة النكراء ؛إذ قتل هؤلاء المؤمنين وهم ألوف .قتلهم ظلما وعدوانا ؛فواجهوا ربهم شهداء ،وأفضوا إلى الفوز بالخلود في الجنة .
وهكذا يفعل الطغاة المتجبرون والعتاة المتسلطون الذين يتحكمون في رقاب العباد ؛إذ يعوزهم المنطق الظاهر والحجة السليمة ؛فإنهم حينئذ لا يجدون غير البطش والتنكيل بخصومهم سبيلا{[2970]} .