قوله تعالى:{فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ( 101 ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( 102 ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( 103 ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( 104 )} ذلك إخبار من الله عن جانب من أهوال يوم القيامة .وهو النفخ في الصور .فإذا نفخ فيه النفخة الثانية ؛بُعث الناس من قبورهم أحياء ليلاقوا الحساب ،وحينئذ تغشى الناس غاشية من الذعر والقلق واضطراب القلوب ،فلا تنفعهم الندامة والحسرات ،ولا تجديهم الخلة والصحبة والقرابات .ومثل هذه المعاني من الابتئاس والرعب واشتداد البلايا والإياس في الموقف العصيب ،تُحدثنا الآيات الكريمة بأسلوبها القرآني المميز ،وكلماتها الربانية المصطفاة ذات الإيقاع النفاذ والتأثير الذي يلج في أعماق المشاعر والقلوب .وهو قوله سبحانه وتعالى: ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) .
إذا نفخت النفخة الثانية ،وهي نفخة البعث والنشور من القبور ،فإنه لا قيمة ولا وزن يومئذ للأنساب .وإنما الأنساب كانت موضع اعتبار وفخار بين الناس في الدنيا حيث النسب والصهرية وغيرهما من العلائق الدنيوية . لكن ذلك في الآخرة غير ذي اعتبار أو أهمية ؛إذ لا يذكر الناس الأنساب ولا يتفاخرون بها .وذلك لفرط ما يصيبهم من الحيرة والدهشة والترويع ( ولا يتساءلون ) أي لا يسأل بعضهم بعضا .فكل واحد من الناس يوم القيامة مشغول بهمه الشاغل .ولا يعنيه غير النجاة مما يحيط به من الويلات والكروب .