قوله:{مستكبرين به سامرا تهجرون} ( مستكبرين ) و ( سامرا ) منصوبان على الحال{[3183]} .و ( مستكبرين به ) أي مكذبين به .و ( سامرا ) اسم جنس ،يعني سُمارا .من السمر والمسامرة وهي الحديث بالليل .والمسامر أو السُّمار ،هم القوم يسمرون بالليل{[3184]} ؛فقد كانت قريش تسمر مجالس في كفرها وأباطيلها حول الكعبة .وهم يهجرون ؛أي يخوضون في الباطل ويتكلمون بالفحش والمنكر والسيء من القول في القرآن وفي رسول الله ( ص ) .
والضمير في قوله ( به ) فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن المراد به الحرام ،أي مكة ؛فقد ذم الله المشركين ؛لأنهم كانوا يسمرون في الحرم بالهجر من الكلام الفاحش ،والمنكر من القول .
القول الثاني: إن المراد به القرآن ؛فقد كانوا يسمرون ويذكرون القرآن الكريم بالهجر من الكلام الباطل . فيقول: إنه سحر ،إنه شعر ،إنه كهانة ...إلى غير هذه الافتراءات والأباطيل التي كان المشركون يأتفكونها ائتفاكا .
القول الثالث: إن المراد به رسول الله ( ص )؛فقد كان المشركون يذكرونه في سمرهم بفاحش الكلام والسوء من القول ،فيقولون: إنه شاعر ،إنه كاهن ،إنه ساحر .إنه مجنون ،إنه كذاب .
والأظهر من هذه الأقوال ،أولها .وهو قول الجمهور .وهو أن الضمير عائد على الحرم ؛فقد كان المشركون يفتخرون بأنهم أولياء الحرم .وكانوا يقولون: نحن أهل حرم الله ونحن أولى الناس به فلا نخاف .وهم في الحقيقة ليسوا غير ظالمين مشركين سفهاء ،لا يدينون دين الحق ،ولا يذهبون غير مذهب الضلالة والباطل والسخف{[3185]} .