وبين سبحانه أن ذلك كان استكبارا ، فقال:
{ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ( 67 )} .
{ مستكبرين} حال من "الواو"في{ تنكصون} ، وهي تفرقة واضحة بين حالين ، إحداهما تململهم عند سماع الحق حتى إنهم ينكصون على أعقابهم عند سماعهم ، وحالهم وهم يجأرون ضارعين صاغرين عندما يؤخذون ببعض العذاب الذي يستحقون .
وقوله تعالى:{ مستكبرين به} الضمير في{ به} يعود إلى القرآن الذي تتلى آياته ، مستكبرين استكبارا مصاحبا لسماعه ، أي متعالين على القرآن نفسه ، أو متعالين بسببه لأنهم لم يذعنوا لحقائقه ، ويصح أن يكون متعلقا ب{ سامرا} أي جاعلين القرآن موضع سمرهم حول الكعبة ،{ تهجرون}{[1543]} ، أي يقولون الهجر من القول الفاحش ، أي أنهم مع نكوصهم على أعقابهم عند سماع تلاوته يجعلون الطعن فيه وسب النبي صلى الله عليه وسلم موضع سمرهم وقولهم الهجر من القول الفاحش ، وقرئ يهجرون ، وبضم الياء وماضيها "أهجر"أي دخل في هجر القول .
وخلاصة المعنى على هذا أنهم ينكصون معرضين عند سماع التلاوة مستكبرين سامرا به بهجر القول ، أي لا سمر لهم إلا السخرية به وبمحمد صلى الله عليه وسلم ناطقين بالهجر الفاحش من القول ، ومع ذلك يجأرون ضارعين عندما يأخذهم عذاب يفجأهم أو كارثة تكرثهم ، وكان حقا عليهم أن يتدبروا القرآن بدل أن يعرضوا عنه ويتخذوه موضوعا لسمرهم وهجرهم .