قوله: ( وتوكل على الحي الذي لا يموت ) التوكل على الله ،إظهار العجز أمام جلاله وعظيم سلطانه ،والاعتماد عليه والاستسلام إليه .والاسم التكلان{[3339]} وهو اعتماد القلب على الله في كل الأمور .وما الأسباب بعد ذلك إلا وسائط ومقدمات أمر الله بها دون الاعتماد عليها .
كذلك يكون المسلم ؛فإنه يعتمد على الله في شأنه كله .لكن الله قد تعبّده باتخاذ الأسباب والمقدمات من أعمال واستعداد ومجاهدة ونحو ذلك .وهو سبحانه يقضي بما يشاء ؛فهو الكبير الفعال لما يريد ،وهو المقتدر الذي له الحياة الدائمة ،المنزّه عن نقيصة الموت .
قوله: ( وسبح بحمده ) التسبيح معناه التنزيه ؛أي نزّه الله عما يصفه به المشركون والمفترون مما لا يليق بجلاله العظيم .واذكره في نفسك توسلا وخشية واشكره على ما منّ به عليك من جزيل النّعم .
قوله: ( وكفى به بذنوب عباده خيرا ) ( وكفى به ) ،أي كفاك .فحذف المفعول به وهو الكاف ،والباء زائدة .و ( خبيرا ) ،منصوب على التمييز ،أو الحال{[3340]} ؛أي حسبك بمن صفته الكمال هو الحي الذي لا يموت ،عليما بذنوب العباد ؛فإنه لا يخفى عليه منها شيء ،وهو مطلع عليها ومحصيها عليهم جميعا ليجازيهم بها يوم القيامة .وفي ذلك من مخاطبة القلوب ما يثير فيها الخشية من الله وينشر فيها المزيد من اليقظة ودوام الترقب والحذر من معاصي الله الذي يعلم السر ولا تغيب عنه الأخبار والخوافي .