{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَىِّ الَّذِى لاَ يَمُوتُ} واعتمد عليه في كل أمورك ،وتابع سيرك في رعايته ،ولا تلتفت إلى كل المعوّقات التي تواجهك في الطريق ،وإلى كل الأشخاص الذين يتمردون عليك أو يسخرون منك ،فهو الذي يكفيك الأمر كله ،لأنه خالق الجميع ورازقهم ،وهو الحي الذي لا يموت ،وهو الباقي لك الذي يشرف على الجميع ،ولا يفوته أحد منهم في أيِّ زمان ومكان .وذلك هو سبيل اختزان القوّة في عمق شخصيتك ،لأن الإنسان الذي يتوكل على الحيّ الذي لا يموت ،لا يمكن أن يخشى أو يخاف من الذي يعيش المدة المحدّدة التي تنتهي بالموت .
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} واذكره بالتعظيم في موقف الثناء عليه ،لتتعرف على دلائل عظمته وآفاق حمده من خلال صفاته في كماله وجلاله وجماله ،مما يملأ روحك وعقلك وضميرك بالخشوع بين يديه ،والخضوع لقدرته التي لا نهاية لها ؛وتطلع إليه في علمه الذي لا حدّ له في إحاطته بشؤون عباده إن أحسنوا أو أساؤوا .
{وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً} فهو المطَّلع على سرّهم وعلانيتهم ،فلا يفوته شيء مما يضمرونه أو يخفونه أو يظهرونه ،ما يفرض عليهم أن يراقبوه في كل أعمالهم ،فإن غفر لهم ،فبرحمته ،وإن عاقبهم فبعدله وحكمته ،من غير حاجةٍ إلى من يعينه أو يعرِّفه أيّ شيء .