{الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} وقد كان قادراً أن يخلقها بلحظةٍ واحدة ،ولكن المسألة تتعلق بحاجة المخلوق إلى الوقت في وجوده ،لا إلى حاجة الخالق إليه في طبيعة قدرته ،انطلاقاً من حدود الموجود في شروط وجوده ،لا من حدود قدرة الخالق في ذلك .
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} الذي هو كناية عن الملك ،باعتباره من لوازمه ،وقد يجسد الموقع الأعلى في الوجود من خلال استتباع سيطرته عليه وعلى كل ما تحته من موجودات بطريقةٍ كنائية .وفي كلتا الحالتين ،فإن الاستواء لا يعني التجسد الذي توحي به الكلمة في مدلولها الحرفي ،بل يعني السيطرة التي يوحي بها معناه من الاستيلاء على الموقع كله ،كإشارة للسيطرة في الملك والقدرة والاحتواء ؛{الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} إن هذا الخالق هو الرحمن الذي أنشأ الخلق برحمته والذي أبدع التدبير من خلالها أيضاً .فهل تريد أن تعرفه بدلائله وبراهينه ومواقع معرفته ؟فتعال إلى الرسول الذي يملك معرفة ذلك كله ،فاسأله واستمع إليه وهو يبلغ آيات ربه التي تفصل الكثير من صفات الله ،فهو الخبير بذلك كله .