قوله تعالى:{تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سرجا وقمرا منيرا ( 61 ) وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ( 62 )} يعظم الله نفسه ،ويمجد ذاته الكريمة ؛إذ ( جعل في السماء بروجا ) أي كواكب عظاما لا يعلم عظمتها واتساعها إلا هو سبحانه .
قوله: ( وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ) المراد بالسراج الشمس .يقال: أسرجت السراج أي أوقدته{[3343]} ،والشمس كتلة هائلة من النار المستعرة المتوقدة خلقها الله في حجمها العظيم المذهل وجعلها في مكان مناسب موزون .فليست أدنى من موضعها الراهن فتحترق الخلائق وتزول الحياة على الأرض .ولا هي أبعد من موضعها فيأتي على الأحياء البرودة والجمد ،فضلا عن اضطرابات كونية تقع لو لم ما تكن الشمس في مكانها الملائم المقدور .والشمس للخليقة والأحياء مبعث للضوء والدفء والحرارة ليشيع في الأرض النشاط والجد والعمل .
قوله: ( وقمرا منيرا ) أي يضيء الأرض بنوره الوضاء وينشر في الدنيا البهجة والاسترواح ،ويثير في النفس الحبور والإحساس بجمال الطبيعة التي صنعها الله .لا جرم أن هذا الجرم المشرق الجميل آية من آيات الله الدالة على عظيم صنعه وقدرته .