قوله: ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) فإن من صفات المؤمنين: الدعاء إلى الله والتضرع في تذلل وخشوع .لا جرم أن مزية الدعاء كبرى المزايا التي تتجلى في المؤمنين الصادقين المنيبين .وهؤلاء هم عباد الرحمان الذين يسألون الله جل وعلا أن يهبهم الأزواج الصلحاء والذرية المؤمنة الطائعة ذات الإيمان الراسخ والخلق الحميد ليكونوا لهم ( قرة أعين ) و ( قرة ) في الآية منصوب على المفعولية .وذلك من القرار ،وهو بحصول السكينة والسرور والرضى .
والمؤمنون يتمنون بالغ التمني ويبتغون أشد الابتغاء من الله أن يهبهم الزوجات الصالحات الفضليات والأولاد والأحفاد من الذكران والإناث الصالحين ليكونوا لهم قرة أعين ؛أي مبعث سكينة وطمأنينة وحبور لهم في هذه الدنيا .ويوم القيامة يكونون بجوارهم في جنات الخلد .وهنالك تتحقق السعادة الكبرى ،ويكتمل الابتهاج الغامر .وهبنا الله من الأزواج والذريات ما تقرّ به أعيننا فنسعد ونبتهج ونستقر في دنيانا وأخرانا .
قوله: ( واجعلنا للمتقين إماما ) ( إماما ) ،واحد أريد به الجمع ؛أي أئمة كثيرا .واكتفى بالواحد عن الجمع للعلم به{[3360]} والمعنى: اجعلنا أئمة يقتدي بنا الناس من بعدنا في الخير والطاعات .أو اجعلنا للمتقين الذين يتقون معاصيك ويجتنبون نواهيك ويخشون عقابك ،أئمة هداة دعاة إلى الخير فيأتمون بنا في الخيرات وعمل الصالحات .