قوله:{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} أي لئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين المعاندين: من نزّل المطر من السحاب الذي في السماء فأحيا بالماء الأرض ؛إذ أنبت فيها النبات بعد أن كانت هامدة مجدبة{لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} أي لسوف يقولن معترفين مُقرين بأن الله فعل ذلك فهو منزل المطر من السماء إلى الأرض من أجل إحيائها بعد قحوطها ؛فهم واثقون في قرارة أنفسهم وفي صميم ضمائرهم أن الله هو الخالق والمحيي والمميت ،وأنه منزل الغيث من السماء ،وأنه القادر على كل شيء .لكنهم مع يقينهم هذا فإنهم يصطنعون الإشراك بالله اصطناعا ،جنوحا منهم إلى التقليد الفاسد الأعمى ،وجَريا وراء ما ورثوه عن الآباء والأجداد الغابرين في سفاهاتهم وضلالاتهم .
قوله:{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} الشكر لله وحده ،والثناء عليه جل جلاله على ما أفاض به من الأدلة والبراهين على ظهور الحق و على بالغ قدرته ومشيئته .{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} أكثر هؤلاء المشركين لا يتدبرون الحجج والدلائل ،ويحسبون –وهم يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى- أنهم على شيء ،وهم في الحقيقة لا يفهمون أنهم موغلون في الجهالة والضلالة وأنهم صائرون إلى النار{[3582]} .