قوله تعالى:{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 64 ) فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ( 65 ) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} .
ذلك إخبار من الله تعالى عن هوان الدنيا وحقارتها وسرعة زوالها ،وأنها ليست إلا الحطام الفاني الذي لا بقاء له ولا ديمومة ،وهو ما يلبث أن يتبدد ويذهب .والحياة الدنيا في خفة شأنها وبساطة اعتبارها أشبه بسحابة تتراءى للناظرين ثم تزول وتنقشع .وأعظم ما توصف به الدنيا هو قول الله فيها{إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ} فهي للتلهي الذي ينشغل به القلب والذهن .وللعب الذي يغتر به اللاهون والواهمون والغافلون من الناس .
قوله:{وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} المراد بالحيوان الحياة .والمعنى: أن الدار الآخرة حيث الجنة ذات النعيم المقيم لهي دار الحياة الدائمة التي لا تزول ولا تفنى{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} أي لو كان المشركون يعلمون أن الأمر كذلك لما أشركوا مع الله في عبادتهم أحدا ولما تلبسوا بالمعاصي والخطيئات .لكنهم لا يعلمون أن الأمر كذلك فهم موغلون في جهالاتهم وسفاهاتهم .