قوله تعالى: ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) ذلك تحريض من الله للمؤمنين على أن يديموا التوكل على الله وليس على غيره ؛فإن الأمر كله بيده الله .وهو جل وعلا يهب عباده النصر ،أو يكتب لهم الخذلان .وما من شيء يصدر في هذا الكون إلا بقدر محسوب وموزون .وعلى هذا إذا كتب الله لعباده النصر فلن يغلبهم أحد ،وإن أراد الله لهم غير ذلك من الهزيمة والخذلان فليس من أحد من آحاد هذه الدنيا يقوى على نصرهم بعد خذلان الله لهم .فما على المؤمنين بعد هذه الحقيقة الراسخة إلا أن يحسنوا التوكل على الله والاعتماد عليه اعتمادا تنشد به قلوبهم إلى الباري انشدادا .وذلك هو شأن المؤمنين الصادقين المخبتين فإنهم إنما يتوكلون على الله حق التوكل بعد أن يستنفدوا كل أسباب الكد والجد والعزم .