وقوله: ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي خير لأنفسهم ) قرئت ( يحسبن ) بالتاء فيكون الفاعل المخاطب وهو الرسول صلى الله عليه و سلم .و ( الذين ) ،في محل نصب مفعول به أول لتحسب ،و ( أنما نملي لهم ) بدل عن الذين .و ( خير لأنفسهم ) مفعول ثان .والتقدير هو: لا تحسبن إملاء الذين كفروا خيرا لهم .
وقرئت"يحسبن "بالياء .وهي فعل يقتضي مفعولين .( الذين ) في محل رفع فاعل .والمقصود بالذين الكفار .وجملة ( أنما نملي لهم خير لأنفسهم ) سد مسد مفعولين للفعل يحسبن .
وقوله: ( نملي ) أي نطيل ونؤخر ،من الإملاء وهو الإمهال والتأخير .ومنه قوله ( واهجرني مليا ) أي حينا طويلا .والملا معناه الدهر .والملون يعني الليل والنهار .
ومعنى الآية: لا يظنن هؤلاء الناكبون المكذبون أن إملاءنا لهم بإطالة العمر والإنساء في الأجل وإمدادهم براغد العيش أو بما أصابوا من ظفر يوم أحد ،كانخيرا لهم ،بل إن هذا الإملاء ليس لهم فيه خير وإنما يزدادون به بغيا وطغيانا ليكون مآلهم العذاب المهين .
وذلك كقوله تعالى: ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لانفسهم أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ) وقوله: ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) وقوله: ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) وقوله: ( ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) .