قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( 29 ) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} .
يصلح الخطاب ههنا لكل أحد من الناس ،والاستفهام يستفاد منه التنبيه والتذكير على حقيقة كونية من صنع الله تدل على أن الله حق ،وأنه الغالب المقتدر ؛فهو سبحانه{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} أي يدخل كل واحد منهما في الآخر ،وذلك أن الله جلت قدرته يزيد من نقصان ساعات الليل في ساعات النهار .وهو قوله:{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} وكذلك يزيد من نقصان ساعات النهار في ساعات الليل وهو قوله:{وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} .
{وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} أي ذللهما لمنافع العباد ،ومن أجل أن تستقر الحياة وتستقيم على وجه الأرض .والشمس قد وضعها الله في مكان مناسب ومقدور فلا هي أبعد مما هي عليه الآن ،ولا أدنى ،بل هي في موضع مقدور موزون ،صنع الله الذي أتقن كل شيء .وكذلك القمر ،جعله الله في مكانه المناسب المقدور انسجاما مع قانون الطبيعة ونجومها وكواكبها المتسقة ،ومراعاة لقانون الجاذبية المتبادلة بين الأرض والقمر .
وأيما خلل في مسافة كل من الشمس والقمر عن الأرض سيفضي بالضرورة إلى خلل في مسافة كل من الشمس والقمر عن الأرض سيفضي بالضرورة إلى خلل فظيع واضطراب هائل هائل ومريع في الحياة ومصير الأحياء على ظهر الأرض ،فضلا عن منافع الشمس بدفئها وحرارتها وإشراقها ،وكذا القمر بنوره المشع ،وسطوعه المتلألئ الذي ينشر في الدنيا البهجة والجمال .
قوله:{كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} الشمس والقمر ،كلاهما يجري طيلة هذه الحياة الدنيا ،ثم يسكنان ويسكتان عن الحركة والجريان يوم القيامة .
قوله:{وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} الله مطلع على الأستار والأخبار ،وهو يعلم ما يصدر عن الخلق من أعمال وأقوال فمجازيهم بها يوم القيامة .