قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ( 31 ) وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} .
ذلك تنبيه من الله على ما منَّ به على عباده من الآلاء وهي كثيرة ومختلفة لا تحصى لكثرتها .ومن جملة ذلك: تسخير السفن{تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} أي بلطفه وتسخيره كيلا يغرقوا .وذلك بما أودع الله الأجسام من خصوصية الطفو فوق سطح الماء .فما من جسم ذي كثافة أقل من كثافة الماء إلا يطفو على الماء فلا يغرق .لا جرم أن الذي بث هذه الخصوصية لهو الله الخالق المقتدر .وهو قوله:{لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ}{من} ،للتبعيض ؛أي ليريكم بعض علاماته ،وحججه الدالة على قدرته وعظيم مشيئته .
قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} أي فيما ذكر من الحجج الباهرة البلجة وبينات يتدبرها ويتعظ بها كل صبار شكور أي شديد الصبر على طاعة الله ،والتزام شرعه وأوامره ،ومجانبة نواهيه وزواجره ،وكثير الشكر على أنعمه الجليلة كنعمة الإسلام خاصة .