قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}{غير} يجوز فيه الرفع ،لأنه بمعنى: هل من خالق إلا الله .أي ما خالق إلا الله ويجوز فيه النصب على الاستثناء .
وفي الآية يأمر الله عباده أن يذكروا نعمته عليهم وذلك بدوام شكره والثناء عليه لما منَّ به عليهم من وجوه النعم التي لا تحصى ؛وهي نِعَمٌ كثير وعديدة ومبسوطة ومختلفة ،وهي مبثوثة في كل جوانب الإنسان والحياة .
قوله:{هََلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} لا يملك أحد أن يبسط للناس شيئا من الرزق أو أسبابه كإنزال المطر من السماء ،وتسخير الرياح اللواقح المبشرات بالخير ،أو إنبات النبات من الأرض .بل الله وحده قادر على ذلك ؛فهو بذلك جدير بإفراده بالعبادة والتوحيد والإذعان له دون غيره من الآلهة الموهومة والأنداد المفتراة .وذلكم هو الله الخالق الرزاق{لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} أي كيف تصرفون عن عبادة الله وحده وإفراده دون غيره بالإلهية وكمال الطاعة ثم تتخذون من دونه آلهة أخرى وأنتم تعترفون بأنه الخالق الرازق المقتدر ؟!