{اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ}{اسْتِكْبَارًا} مفعول له{[3881]} أي لم يزدهم مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم إلا نفورا{اسْتِكْبَارًا} أي علوا في الأرض وعتوّا عن أمر الله{وَمَكْرَ السَّيِّئِ} مكر ،منصوب على المصدر{[3882]} والمكر ههنا بمعنى الشرك .أي مكروا مكر السيئ وهو الكفر وصد الناس عن الإيمان .وبذلك قد مكروا بالناس بصدهم عن دين الله .
قوله:{وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} يحيق بمعنى ينزل أو يحيط ؛أي لا تنزل عاقبة الظلم إلا بالظالم نفسه .أو لا ينزل وبال المكر السيئ إلا بالذين يمكرونه .فلا يحل مكروه ذلك المكر إلا بهؤلاء المشركين الماكرين .
ويُفهم من ذلك التنبيه على مجانبة الخداع والمكر والخيانة .فإن هذا الدين قائم على طُهر السريرة من الأرجاس النفيسة كالغل والحسد والغدر والخديعة .فإن هذه خسائس ليست من أخلاق المؤمنين الذين التزموا الإسلام عقيدة ومنهاجا .بل إن تلكم من أخلاق الكافرين والمنافقين والمرائين والماكرين .
قوله:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ} المراد بسنة الله ،إنزال العقاب بالمكذبين المدبرين العصاة .وهذا تهديد من الله يتوعد به كل أمة تعرض عن صراطه المستقيم وتضل عاتية مستكبرة ،فإنه مصيبها من العقاب المدمِّر ما أصاب السابقين الجاحدين .وهو قوله:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ} أي هل ينتظر هؤلاء المشركين الجاحدون إلا أن يحيط بهم عذاب الله كما أحاط بالمكذبين من قبلهم .
وهذه سنة الله في العتاة العصاة الذين يخالفون عن أمره .
قوله:{فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} أي جعل الله العقاب في المخالفين الجاحدين سنة مقدورة فيهم بسبب تكذيبهم وعصيانهم .وهي سنة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل{وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا} أي لا تحويل لسنة الله في عقاب الظالمين المجرمين ،فهو حائق بهم ولن يتحول عنهم إلى غيرهم{[3883]}