قوله:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} ذلك تقريع من الله لهؤلاء المجرمين الخاسرين .و{أَعْهَدْ} من العهد وهو الوصية .وعهد إليه أي أوصاه .وعهدُ اللهِ إليهم ،ما نَصَبَهُ لهم من الحجج العقلية والسمعية التي تأمر بعبادته دون سواه ،والزاجرة عن عبادة الشيطان{إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} الشيطان عدو للإنسان ،سواء في ذلكشيطان الجن وهو الكائن الخفي المستور الذي لا يراه البشر بحاسة البصر .وهو كائن شقي آيِسٌ من فضل الله ،مبعد من رحمته .وهو على الدوام يوحي للإنسان بوساوسه الخفية فيزيّن له الكفر والمعاصي .وكذلك شيطا الإنس وهو كنود ومنكود وأثيم يجهدُ بغير انقطاع منن أجل إضلال الإنسان وإفساده فيزين له الشرك وفعل المنكرات والرذائل .
وينفِّرُه تنفيرا من الإيمان الصحيح وفعل الصالحات لينأى به بذلك عن الهدايةوالاستقامة والخير فيبوء معه بالخسران ثم يهويان معا في جهنم .لا جرم أن الشيطان على اختلاف صوره عدو ماكر وخبيث للإنسان وهو ظاهر مستبين يعرفه كل ذي عقل .