قوله تعالى:{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ ( 11 ) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ( 12 ) وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ ( 13 ) وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ( 14 ) وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ ( 15 ) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ( 16 ) أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ( 17 ) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ} .
استفتهم: من الاستفتاء وهو نوع من السؤال .والهمزة للاستفهام التقريري ؛أي استخبرهم ،والضمير لمشركي قريش أو مكة .وقد عادل في هذا الاستفهام التقريري في القوة الأشدية بين خلْق المشركين المكذبين بيوم القيامة ،وخَلْق غيرهم من الأمم والجن والملائكة والأفلاك ،والأرضيين .وهو قوله:{أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا}{أمْ} استفهام تقريري ثان ؛أي هل هم أقوى خلْقا أو أصعب خلْقا وأشقه أم من خلقنا غيرهم من السماوات والأرض وما فيهما من أفلاك وأجرام وخلائق .وذلك رد لإنكارهم البعث ؛فإن من هان عليه خلْق هذا الكون الهائل العجيب لم يصعب عليه خلق البشر وإعادة إحيائهم من التراب من جديد .وهو قوله:{إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} واللازب: اللاصق ،من اللزوب وهو اللصوق والثبوت{[3939]}
والمعنى: لماذا يعجبون من البعث وإحيائهم كرة أخرى بعد الموت .فقد أنشأهم الله من التراب ولا يعزّ عليه إنشاؤهم ثانية من الترب ،ويستفاد من الآية أيضا: التنبيهُ على ضعف بني آدم ورخاوتهم ؛لأنهم مصنوعون من الطين الرخو الطري فهم لا يوصفون بالصلابة والقوة .