قوله تعالى:{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ( 62 ) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ( 63 ) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ( 64 ) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ( 65 ) فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ( 66 ) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ( 67 ) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ( 68 ) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ( 69 ) فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} .
اسم الإشارة{ذلك} عائد إلى الرزق المعلوم الذي جعله الله للمؤمنين في الجنة ؛فقد أسبغ الله عليهم فيها من النعم ما لم يخطر على قلب بشر ؛وذلك لفرط ما أعدّ الله لهم من جزيل النعم والخيرات واللذات .و{نُزُلاً} تمييز لقوله:{خيرٌ} .و{الزَّقُّومِ} شجرة مسمومة يخرج لها لبن إذا مسَّ جسد أحدٍ تورَّم منه ومات .والتزقُّم ،البلع بشدة وجهد للأشياء الكريهة .وقد قال أبو جهل - وهو من العرب العرباء -: لا نعرف الزقوم إلا التمر والزبد .وذلك من باب العناد والكذب{[3957]}
وفي هذه الآية يعادلُ الله بين الرزق الكريم والنعيم المقيم في الجنة ،وبين شجرة الزقوم ذات الطعام الخبيث المسموم ،سيء الطعم والريح والمنظر ،فقال سبحانه:{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} والنزل معناه العطاء وما يُعد للأضياف من الرزق .
والمعنى: أنعيم الجنة وما فيها من اللذات والثمرات وألوان النِّعم{خَيْرٌ نُزُلاً} أي خير ضيافة وعطاء أم شجرة الزقوم خير .وهي شجرة خبيثة الثمر ،صغيرة الورق ،شديدة المرارة ،كريهة الرائحة والطعم .