وقوله: ( ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدو في السبت ) رفع الله الجبل فوق رؤوس أولئك العصاة من بني إسرائيل ؛وذلك بسبب نقضهم العهد مع الله بالطاعة والاستقامة والصلاح .وهو كقوله تعالى في آية أخرى: ( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلّة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة ) فقد رفع الله الجبل فوق رؤوسهم لما عصوا ربهم وشاقوا نبيهم وأسرفوا في الفسق والعصيان .وما أن رأوا الجبل فوقهم حتى غشيهم الرعب والهلع فبادروا بالطاعة وتنفيذ الأمر ومن ذلك أن يدخلوا الباب سجدا وهو يقولون: ( حطة ) وسجدا منصوب على الحال .
وكذلك قد أمرهم الله بقوله: ( لا تعدوا في السبت ) أي ألا يعتدوا باصطياد الحيتان لدى اقترابها من الساحل فيسهل اقتناصها وذلك في يوم السبت وهو من الفعل سبت ومعناه قطع والسبت يعني القطع والراحة .وجمعه أسبت وسبوت .والمسْبت الذي لا يتحرك{[851]} وعلى هذا فإن مثل هذا اليوم كان بنو إسرائيل مكلفين بالانقطاع للعبادة وعدم الاصطياد في البحر .
وقوله: ( وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ) الميثاق هو العهد وقيل اليمين .وذلك يعني أن الله قد أخذ عليهم عهدا مؤكدا موثقا بتنفيذ ما كلفهم به من أوامر كدخول الباب سجدا وألا يعتدوا باقتناص الحيتان يوم السبت{[852]} .