القول في تأويل قوله:وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154)
قال أبو جعفر:يعني جل ثناؤه بقوله:"ورفعنا فوقهم الطور "، يعني:الجبل، (41) وذلك لما امتنعوا من العمل بما في التوراة وقبول ما جاءهم به موسى فيها="بميثاقهم "، يعني:بما أعطوا الله الميثاق والعهد:لنعملن بما في التوراة (42) ="وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدًا "، يعني"باب حِطّة "، حين أمروا أن يدخلوا منه سجودًا، فدخلوا يزحفون على أستاههم (43) ="وقلنا لهم لا تعدوا في السبت "، يعني بقوله:"لا تعدوا في السبت "، لا تتجاوزوا في يوم السبت ما أبيح لكم إلى ما لم يبح لكم، (44) كما:
10773- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدًا "، قال:كنا نحدّث أنه باب من أبواب بيت المقدس. (45)
* * *
="وقلنا لهم لا تعدوا في السبت "، أمر القوم أن لا يأكلوا الحِيتان يوم السبت ولا يعرضوا لها، وأحل لهم ما وراء ذلك. (46)
* * *
&; 9-362 &;
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أمصار الإسلام:( لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ ) ، بتخفيف "العين "من قول القائل:"عدوت في الأمر "، إذا تجاوزت الحق فيه،"أعدُ وعَدْوًا وعُدُوًّا وعدوانًا وعَدَاءً". (47)
* * *
وقرأ ذلك بعض قرأة أهل المدينة:( وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُّوا ) بتسكين "العين "وتشديد "الدال "، والجمع بين ساكنين، بمعنى:تعتدوا، ثم تدغم "التاء "في"الدال "فتصير "دالا "مشددة مضمومة، كما قرأ من قرأ (أَمَّنْ لا يَهْدي) [سورة يونس:35] ، بتسكين "الهاء ".
* * *
وقوله:"وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا "، يعني:عهدًا مؤكدًا شديدًا، بأنهم يعملون بما أمرهم الله به، وينتهون عما نهاهم الله عنه، مما ذكر في هذه الآية، ومما في التوراة. (48)
* * *
وقد بينا فيما مضى، السببَ الذي من أجله كانوا أمروا بدخول الباب سجدًا، وما كان من أمرهم في ذلك وخبرهم وقصتهم= وقصة السبت، وما كان اعتداؤهم فيه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (49)
* * *
---------------
الهوامش:
(41) انظر تفسير"الطور"فيما سلف 2:157-159.
(42) انظر تفسير"الميثاق"فيما سلف:41 ، 44 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك.
(43) انظر تفسير"ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة"فيما سلف 2:103-109.
(44) انظر تفسير"السبت"، و"اعتداؤهم في السبت"فيما سلف 2:166-174.
(45) هذا الأثر لم يذكر في تفسير"الباب"فيما سلف 2:103-109 ، وهو أحد الأدلة على اختصار أبي جعفر تفسيره ، ومنهجه في الاختصار.
(46) انظر تفسير"السبت"، و"اعتداؤهم في السبت"فيما سلف 2:166-174.
(47) انظر تفسير"عدا"فيما سلف 2:142 ، 167 ، 307 / 3:573 ، 582 / 7:117 ، والمراجع هناك.
وقد أسقط في المطبوعة هنا"وعدوا"(بضم العين والدال مشددة الواو) ، وهي ثابتة في المخطوطة.
(48) انظر تفسير"الميثاق"فيما سلف ص361 ، التعليق رقم:2.
وتفسير"غليظ"فيما سلف 8:127.
(49) انظر التعليقين السالفين ص:361 ، تعليق:3 ، 4.