ثم قال تعالى:( ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم ) وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التوراة ، وظهر منهم إباء عما جاءهم به موسى ، عليه السلام ، ورفع الله على رؤوسهم جبلا ثم ألزموا فالتزموا وسجدوا ، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط عليهم ، كما قال تعالى:( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة [ واذكروا ما فيه لعلكم تتقون] ) [ الأعراف:171] .
( وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا ) أي:فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل ، فإنهم أمروا أن يدخلوا باب بيت القدس سجدا ، وهم يقولون:حطة . أي:اللهم حط عنا ذنوبنا في تركنا الجهاد ونكولنا عنه ، حتى تهنا في التيه أربعين سنة . فدخلوا يزحفون على أستاههم ، وهم يقولون:حنطة في شعرة .
( وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ) أي:وصيناهم بحفظ السبت والتزام ما حرم الله عليهم ، ما دام مشروعا لهم ( وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ) أي:شديدا ، فخالفوا وعصوا وتحيلوا على ارتكاب مناهي الله ، عز وجل ، كما هو مبسوط في سورة الأعراف عند قوله:( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر [ إذ يعدون في السبت] ) [ الأعراف:163 - 166] الآيات ، وسيأتي حديث صفوان بن عسال ، في سورة "سبحان "عند قوله:( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ) [ الإسراء:101] ، وفيه:"وعليكم - خاصة يهود - ألا تعدوا في السبت ".