فهو الإله القادر المتفضل الذي بدأ خلق الإنسان من تراب وهو آدم أبو البشر ،ثم خلق نسله من ماء مهين ،وهي النطفة ؛أي الماء القليل المهين يكون في الأرحام ثم يصير بعد ذلك علقة ،وذلك في حجمها وشكلها من البساطة والهوان ،ثم يخرجكم عقب ذلك أطفالا صغارا لا تعقلون شيئا ،ثم تبلغون بعد ذلك أشدكم من سن الشباب حيث القوة والمتانة في الجسم ،واستكمال الوعي والإدراك والعقل ،ثم تصيرون بعد ذلك شيوخا .ومفرد شيخ وهو من جاوز سن الأربعين .ويقال للأنثى شيخة .وذلك كله بتقدير الله وإرادته وتدبيره ؛إذ جعلكم تتقلَّبون في هذه المراحل ،واحدة بعد أخرى{وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ} أي من قبل أن يصير شيخا .أو من قبل هذه المراحل جميعها إذا خرج من بطن أمه سقطًا .
قوله:{وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى} أي لتبلغوا أجلا محدودا لا تجاوزنه ولا تسبقونه وهو الموت ؛فهو مصير كل واحد ،لا يستأخر عنه ولا يستقدم .
قوله:{وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي بيَّن الله لكم هذه الأخبار عن خَلْقكم ؛إذْ تصيرون خلقا من بعد خلْق سواء في الأرحام أو خارجها ،لتتعظوا بذلك وتعتبروا فتوقنوا أن الله حق ،وأنه وحده خَليقٌ بالعبادة والطاعة .