قوله تعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 82 ) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 83 ) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ( 84 ) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} .
ذلك توبيخ وتعنيف لهؤلاء المشركين المكذبين الذين كانوا يخاصمون في دين الله بالباطل وكانوا يكذبون بيوم القيامة ،فيقول الله لهم:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}
يعني أفلم يسر هؤلاء المشركون الذين يحادون في آيات الله من مشركي قومك – في البلاد ،فهم أهل سفر وتجارات وتجوال{فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي فيروا ما حل بالجاحدين من سوء العاقبة حيث البلاء والنكال بسبب كفرهم وتكذيبهم ،مع أنهم{كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ} كان المشركون الأقدمون أكثر من هؤلاء عددا وتنفيرا وكانوا أعظم منهم بأسا وقوة في الأجساد والأموال وقد أثاروا الأرض وعمروها ؛إذْ شادوا فيها المصانع والعمائر والبنيان{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}{مَّا} ،نافية ؛أي لم يغن عنهم ما اكتسبوه شيئا ولا دفع عنهم من بأس الله وانتقامه مثقال ذرة .وقد تكون{مَّا} استفهامية .فيكون المعنى: ماذا أغنى عنهم ما كسبوه من الأموال والخيرات والعمران والقوة حين نزل بهم الهلاك ؟!