قوله:{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} المراد بكبائر الإثم الكبائر من الذنوب .والجمهور على القراءة بالجمع .وقرأ بعضهم على الإفراد ،أي كبير الإثم .وقيل: المراد به الشرك .والفواحش يراد بها الكبائر وهي داخلة فيها لكنها أفحش وأشنع كالقتل بالنسبة إلى الجرح ،والزنا بالنسبة إلى المراودة .وقيل: الفواحش والكبائر بمعنى واحد .وقيل: الفواحش موجبات الحدود .
وهذه صفة للمؤمنين الصادقين وهي أنهم يجتنبون المعاصي الكبيرة أو الفواحش .
قوله:{وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ذلك إطراء من الله للمؤمنين الذين يتجاوزون عن الإساءات إليهم فيكظمون الغيظ ولا يغضبون إذا ما استُغضبوا .وهذه مَزيّة عظمى تتجلى في خلق المؤمن الصابر ذي الهمة العالية ،والعقيدة الراسخة .
إنها مَزيّة حميدة فضلى ينميها الإسلام بعقيدته وتعاليمه في المسلم ؛ليستعلي على شدة الانفعال وعلى سَوْرة الغضب فيجنح للصفح والتجاوز عن أسباب الإثارة والاستفزاز إذا ما انتابته بواعث الإثارة والاستغضاب .وضبط النفس في ساعة الغضب سجية كريمة وخصلة عظيمة أثنى عليها الإسلام أيما ثناء ؛لأنها تكشف عن شجاعة المرء وعن مبلغ حلمه وسعة صدره ومدى اصطباره وهو يمسك بخطام نفسه كيلا يستخفه الغضب فيزلّ ويضلّ ويهوي .وفي هذا الصدد من إطراء المؤمن الصابر الصافح عن الإساءة ،أخرج البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس الشديد بالصُّرَعَة ،إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ".