قوله:{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} أي أن الله الذي له الإلهية ،والمتفرد بالوحدانية لهو معبود في السماء ومعبود في الأرض ،فهو بذلك يعبد فيهما .ولا تتجلى هذه الصفة الكبرى لأحد سوى الله ،وهي دليل عظمته البالغة وأنه الصانع الحكيم الذي لا تنبغي العبادة ولا الإذعان إلا لجلاله العظيم .ومما يقتضيه مفهوم هذه الآية أن نوقن أن الله وحده الحاكم المشرع لأهل الأرض .لا جرم أن هذه واحدة من خصائص الإلهية العظمى ،فالله الذي خلق السماوت فأبدعهم إبداعا وأنشأ فيهن روعة البناء والخلق ،وبث فيهن مالا يحصى من الأجرام والكائنات فكان ذلك كله في غاية القوة والاتساق والانتظام والترابط ،لهو جدير به ألا يدع البشرية على الأرض مضطربة بغير نظام ولا تشريع .لقد وضع الله للبشرية تشريعها المناسب في الأرض ،لأنه سبحانه الأقدر على ذلك ،فهو العالم بالأحوال والحقائق والطبائع{وهو الحكيم العليم} الله الحكيم في تدبير شؤون خلقه ،العليم بما يصلحهم وينفعهم في دينهم ودنياهم .