قوله:{وترى كل أمة جاثية}{جاثية} أي باركة على الركب .جثا جثوا وجثيّا بضمهما أي جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه .وهو جاث .وقيل: مستوفزة .واستوفز في قعدته إذ قعد قعودا منتصبا غير مطمئن{[4193]} والمعنى: ترى يوم القيامة ،أهل كل ملة أو دين{جاثية} أي جالسة على ركبها وجلة .وذلك من هول القيامة الرعيبة ،وما يأتي على الكون حينئذ من أحداث جسام ،وخطوب هائلة مروعة .يومئذ تفزع القلوب وتضطرب الفرائص ،وتشخص الأبصار .
قوله:{كل أمة تدعى إلى كتابها}{كل} تقرأ بالرفع على أنها مبتدأ وخبره{تدعى} وتقرأ بالنصب على البدل من{كل} الأولى .{تدعى} ،في موضع نصب على الحال{[4194]} .يعني: كل أهل ملة أو دين يدعون إلى كتاب الحفظة ليقرأوه . وقال الجاحظ:تدعى كل أمة إلى كتاب نبيها فينظر هل عملوا به أم لا .وقيل: تدعى أمة قبل أمة ،وقوم قبل قوم ،ورجل قبل رجل .وذكر من حديث طويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يمثل لكل أمة يوم القيامة ما كنت تعبد من حجر أو وثن أو خشبة أو دابة ثم يقال: من كان يعبد شيئا فليتبعه ،فتكون ،أو تجعل تلك الأوثان قادة إلى النار حتى تقذفهم فيها ".
قوله:{اليوم تجزون ما كنتم تعملون} يقال لكل أمة من الأمم عقب ندائها إلى كتاب أعمالها: اليوم تعطون جزاء أعمالكم التي عملتموها في الدنيا ،فتجزون الإحسان بالإحسان ،والإساءة بالإساءة .أو تثابون الخير بالخير ،والشر بالشر .فلا ظلم يومئذ ولا بخس ولا جور .