{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} أي باركة على الرُّكَب ،في ما يعبّر عنه ذلك من حالة الخضوع والترقب ،الممزوجة بالحَيْرة والفزع ،في انتظار الحساب الحاسم الذي يقرر مصيرها ،{كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} الذي يحتوي تاريخها في الدنيا ،في قضاياها الذاتية وفي علاقاتها العامة ،وفي ممارساتها العملية مما عملته من خيرٍ أو شر .وقد نستوحي من ذلك أن للأمة كتاباً ،في ما تلتقي عليه من أفكار وآراء ،وفي ما تجتمع عليه من مواقف وأعمال ،في ما يمثل المسؤولية الجماعية ،تماماً كما هو الكتاب المختص بالأفراد وما يقومون به في حياتهم الخاصة من أعمال .وينطلق النداء الإِلهي ليحدّد لهم الحكم النهائي{الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} فهذا هو القانون العادل الذي يساوي بين الجزاء والعمل ،فلا يؤاخذ الناس ويعاقبهم إلاَّ بما عملوه ،ولا ينقص من ثواب العاملين في خط الصلاح .