قوله:{قال الله إني منزلها عليكم} هذه إجابة لسؤال عيسى بإنزال المائدة وهو وعد من الله ووعد الحق .ويحقق حدث الإنزال قوله:{إني} فهو للتأكيد فضلا عن كون الله{لا يخلف الميعاد} وهو سبحانه منجز ما وعده .وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم .وصيغة المبالغة في قوله:{منزلها} يشير إلى نزولها عدة مرات .والله تعالى أعلم .
قوله:{فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العلمين} ذلك تهديد من الله لبني إسرئيل الذين سألوا الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء يأكلون منها وتطمئن بها قلوبهم وتكون لهم ولمن بعدهم عيدا .وقد استجاب اللهم لهم مقرنا ذلك بالوعيد لمن يكفر بعد تنزيل المائدة أن الله سوف يعذبه تعذيبا لم يعذب بمثله أحدا من العالمين في زمانهم أو العالمين مطلقا .والظاهر أن فريقا من القوم جحدوا وكفروا وكذبوا نبوة عيسى فعذبهم الله في الدنيا أن مسخهم قردة وخنازير وعذبهم في الآخرة أن جعلهم من أصحاب الجحيم .وعن عبد الله بن عمرو قال: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة: المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون{[1111]} .