قوله:{وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه} اللام للأمر .وذلك كقوله{وأن احكم بينهم بما أنزل الله} والتقدير: ليحكم أهل الإنجيل بما في كتابهم ( الإنجيل ) من أوامر وتعاليم ،ومن جملتها الدلائل المبينة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وما قررته شريعته عليه الصلاة والسلام من أحكام .أما ما نسخته شريعة الإسلام فلا مساغ للعمل به بعد نسخه البتة .وإنما يتصور ذلك في الفروع .أما الأصول كالتوحيد وأركان الإيمان فلا يتصور فيه نسخ .وقد ذكر الرازي جملة المراد بكيفية الأمر بالحكم بما في الإنجيل بعد نزول القرآن ،في ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن المراد ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه من الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
الوجه الثاني: ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه مما لم ينسخ بالقرآن .
الوجه الثالث: أن المراد زجرهم عن تحريف ما في الإنجيل وتغييره كالذي فعله اليهود في إخفاء أحكام التوراة .
قوله:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} اسم الإشارة ،أولئك في محل رفع مبتدأ .هم ،ضمير فصل .الفاسقون خبر المبتدأ .وقيل: هم مبتدأ ثان ،وخبره الفاسقون .وكلاهما خبر أولئك في محل رفع .والفاسقون من الفسق ،وهو الترك لأمر الله والخروج عن طريق الحق .ومنه الفاسق لانسلاخه من الخير ؟وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من جحرها على الناس .والفاسقون من الناس الخارجون عن حكمه وعن الإيمان .أو الخارجون عن أمر الله ،المخالفون له فيما أمرهم ونهاهم في كتابه{[993]} .