قوله:{لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة} يعني لا يقاتلكم اليهود مجتمعين إلا وهم متمكنون في حصونهم المنيعة التي يصعب اقتحامها أو اختراقها والسيطرة عليها إلا بسلطان من الله وعونه ومدده{أو من وراء جدر} يعني أو يقاتلونكم من خلف حواجز قوية مكينة ،يستترون بها ليقاتلوكم من ورائها .
وفي قوله ههنا{جدر} بالتنكير لا التعريف ما يثير الانتباه ويلفت النظر .
فهؤلاء القوم لا يجرؤون على قتال المسلمين إلا من خلف جدر صلبة تقيهم الضربات من أمامهم .ولئن كانت الجدر الواقية فيما مضى تعني الحيطان الواقية ،فهي في العصر الراهن صفائح سميكة ومتينة من الحديد الصلب الذي تتركب منه الحافلات والناقلات والدبابات .فما كان ليهود أن يجرؤوا على قتال المسلمين في معركة من المعارك إلا أن يحسبوا لذلك كل حساب ثم يقاتلون وهم محصنون في أجواف الدبابات المنيعة الصلبة ،يستترون بجدرها الواقية القوية .
قوله:{بأسهم بينهم شديد} يعني عداوة بعضهم لبعض شديدة فهم فيما بينهم متدابرون وإنما يتناسبون مباغضاتهم فيما بينهم إذا دهمهم العدو لقتالهم أو حزبتهم الشدائد من الخارج .
قوله:{تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} أي تحسب أن هؤلاء اليهود مؤتلفون متوادون فيما بينهم ولكنهم في الحقيقة ،قلوبهم متنافرة متباغضة .فهم أولو أهواء كثيرة ومختلفة فتختلف بذلك قلوبهم .وهم لا يجتمعون إلا ليواجهوا المسلمين في قتال أو حرب وحينئذ يتعارفون ويتلاقون ثم تنقلب قلوبهم في أحوال السلم لتكون متفرقة شتى .
قوله:{ذلك بأنهم قوم لا يعقلون} سبب ضلالهم وفسقهم وما بينهم من المباغضات وتفرق القلوب أنهم{قوم لا يعقلون} لا يعلمون أن الصواب في منهج الله الحق وفي سبيله المستقيم .وإنما يتبعون أهواءهم وما تحفزهم إليه شهواتهم ومصالحهم .