/م11
المفردات:
جميعا: أي: مجتمعين .
محصنة: أي: بالدروب والخنادق وغيرها .
جدر: حيطان ،واحدها جدار .
بأسهم: أي: الخلاف بينهم دائم .
شتى: متفرقة ،واحدها شتيت .
التفسير:
14-{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} .
أي: إن هؤلاء اليهود والمنافقون قد ألقي الرعب في قلوبهم ،فلا يواجهونكم بقتال مجتمعين ،لأن الخوف والهلع بلغا منهم كل مبلغ ،بل يقاتلونكم في قرى محصنة بالدروب والخنادق ونحوها ،ومن وراء الجدر والحيطان وهم محاصرون .
ثم بين أن من أسباب هذا الجبن والخوف والتخاذل وعدم الاتحاد حين اشتداد الخطوب ،فقال:
{بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ...}
أي: بعضهم عدو لبعض ،فلا يمكن أن يقاتلوا عدوا لهم وهم في تخاذل وانحلال ،ومن ثم استكانوا وذلوا .
وفي هذا عبرة للمسلمين في كل زمان ومكان ،فإن الدول الإسلامية ما هدّ كيانها ،وأضعفها أمام أعدائها إلا تخاذلها أفرادا وجماعات .
{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ....}
أي: إنك أيها الرسول إذا رأيتهم مجتمعين خِلْتهم متفقين ،وهم مختلفون غاية الاختلاف لما بينهم من إحن وعداوات ،فهم لا يتعاضدون ولا يتساندون ولا يرمون عن قوس واحدة .
وفي هذا تشجيع للمؤمنين على قتالهم ،وحث للعزائم الصادقة على حربهم ،فإن المقاتل متى عرف ضعف خصمه ازداد نشاطا ،وازدادت حميته ،وكان ذلك من أسباب نصرته عليه .
ثم بيّن أسباب التفرق وانحلال الوحدة ،فقال:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} .
أي: ذلك التفرق من جراء أن أفئدتهم هواء ،فهم قوم لا يفقهون سر نظم هذه الحياة ،ولا يعلمون أن الوحدة هي سر النجاح ،ومن ثم تخاذلوا وتفرقت كلمتهم ،واختلف جمعهم ،واستهان بهم عدوهم ،ودارت عليهم الدائرة .