قوله:{فلما جن عليه اليل رءا كوكبا قال هذا ربي} جن عليه الليل أي ستره بظلامه .ومنه الجن ضد الإنس .سموا بذلك ،لأنهم لا يرون .أجنه في نفسه أي أكنه وكتمه .والجنين معناه الولد ما دام مستورا في البطن .واستجن أي استتر بسترة .والمجن: الترس للاستتار به{[1206]} .
والمعنى أن إبراهيم لما غشيه الليل بظلامه رأى كوكبا .وإنما يتحقق ذلك بزوال نور الشمس عن الحس .
قوله:{هذا ربي} قال ذلك إذ لم يكن عارفا بربه لطفوليته .والجهل بسبب الطفولة قبل قيام الحجة لا يضر ولا يكون كفرا .لكن هذا التأويل قد رد على أنه غير جائز أن يكون لله تعالى رسول يأتي عليه وقت من الأوقات وهو غير موحد ولا عارف بالله .وهو كذلك بريء من كل معبود سواه .
وقيل: لما خرج إبراهيم من السرب ( النفق ) رأى ضوء الكوكب وهو طالب لربه فظن أنه ضوؤه قال:{هذا ربي} أي بأنه تراءى لي نوره .
وقيل: إنه قال:{هذا ربي} على قولكم ،لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر .وهو نظير قوله تعالى:{أين شركاءى} وهو سبحانه واحد ليس له شريك .والمقصود: أين شركائي على قولكم .
قوله:{فلما أفل قال لا أحب الأفلين} أي لما غاب الكوكب الذي ظنه ربا أعلن عن نفوره من مثل هذه الأرباب التي تنتقل من مكان إلى آخر ،وتتغير من حال إلى أخرى .