قوله:{هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} الله ذو علم في الأزل بكل ما يجري وكل ما هو آت .فما من شيء واقع في هذا الكون إلا يحيط به علم الله في الأزل ،حتى إيمان المؤمن وكفر الكافر واقع بعلم الله .قال القرطبي في تأويل ذلك: والذي عليه الأئمة والجمهور من الأمة: إن الله خلق الكافر ،وكفره فعل له وكسب ،مع أن الله خالق الكفر .وخلق المؤمن ،وإيمانه فعل له وكسب ،مع أن الله خالق الإيمان .والكافر يكفر ويختار الكفر بعد خلق الله إياه ،لأن الله تعالى قدّر ذلك عليه وعلمه منه .ولا يجوز أن يوجد من كل واحد منهما غير الذي قدّر عليه وعلمه منه ،لأن وجود خلاف المقدور عجز ،ووجود المعلوم جهل ،ولا يليقان بالله تعالى ،وفي هذا سلامة من الجبر والقدر .
قوله:{والله بما تعملون بصير} الله عليم بأعمالكم لا يخفى عليه منها شيء .