/ت1
تأويل الكلاميين لجملة
{هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} وتعليق عليه
ولقد وقف المفسرون عند هذه الجملة ،وأوردوا مذاهب الكلاميين فيها ،من حيث الجبر والاختيار ؛حيث يرى أصحاب المذهب الأول فيها دليلا على مذهبهم بتقدير الله عز وجل الكفر والإيمان على الناس .وقد أوردوا حديثا نبويا للتدليل على ذلك روي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( وكل الله بالرحم ملكا ،فيقول أي رب نطفة أي رب علقة ،أي رب مضغة ،فإذا أراد أن يقضي خلقها قال: يا رب أذكر أم أنثى .أشقي أم سعيد ،فما الرزق ،فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه ){[2237]} وحيث ينكر أصحاب المذهب الثاني ذلك ويقولون: إن معنى الآية هو أن الله خلق الناس فمنهم من اختار الكفر ،ومنهم من اختار الإيمان وذكروا آية سورة الكهف{وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ( 29 ) ونقول تعليقا على ذلك: إن الحديث ليس من الصحاح وإننا شرحنا مسألة القدر والجبر والاختيار في سورة القمر شرحا يغني عن التكرار ،ورجحنا الثاني على ضوء الآيات القرآنية المحكمة .وإن المتبادر لنا أن الجملة لا تتحمل هذا الخلاف الكلامي ،وإن روح الآيات وهي تندد بالكافرين وتنسب إليهم أعمالهم وتذكرهم بأمثالهم الذين استحقوا نكال الله تؤيد بقوة القول الثاني .وإن الجملة هي بسبيل تقرير واقع المخاطبين والسامعين حين نزولها حيث كان منهم من كفر بالرسالة النبوية ومنهم مؤمن .وقد رأينا الطبري يؤول الجملة في معنى ( يقول الله تعالى أيها الناس منكم كافر بخالقه وأنه خلقه .ومنكم مؤمن بخالقه وأنه خلقه ) ولا يخلو هذا من وجاهة وإن كنا نرى ما ذكرناه هو الأكثر تساوقا مع الجملة وروح الآيات معا .والله تعالى أعلم .