قوله:{أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} .ذلك مثل ضربه الله للكافر والمؤمن .فالأول مكبّ على وجهه يمشي معتسفا في مكان مضطرب غير مستو ولا مستقيم ،فيه انخفاض وارتفاع .فما يمشي فيه ساعة حتى يعثر ويخرّ على وجهه ساقطا .وهذا نقيض الثاني الذي يمشي سويا ،أي قائما معتدلا سالما من التعثر والخرور ،أو السقوط على وجهه .فهو مستقيم في مشيه ،غير معتسف ولا مضطرب ولا متعثر .أو أنه يراد بالأول ،الأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق ،فهو بذلك يعتسف في مشيه ويتخبط وينكب على وجهه ساقطا .وهو ليس كالثاني السوي البصير ،الذي يمشي في طريقه ضالا هائما متلجلجا .
وتلك هي حال الكافرين في كل زمان .فإنهم ضالون يساقون في حياتهم الدنيا إلى ما تسوّله الأهوال والشهوات .فما يطغى على أنفسهم وطبائعهم إلا الأثرة والطمع والغريزة .أولئك هم الضالون من الناس الذين تسوقهم الشياطين إلى الضلال والمفاسد والشرور وظلم الإنسان للإنسان ،أما المؤمنون الصادقون الذين يستضيئون بنور العقيدة الربانية السمحة ،ويستظلون بظل الإسلام الرخيّ الحاني ،لا جرم أنهم في حياتهم آمنون سالمون أسوياء ،غير مضطربين ولا متعثرين ولا مذعورين .