قوله تعالى:{قل يا يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلمته واتبعوه لعلكم تهتدون} .
يأمر الله في هذه الآية نبيه الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم أن يشهر دعوته ورسالته في صراحة ووضوح على أنه رسول مبعوث من عند الله للبشرية كافة بل للعالمين أجمعين سواء فيهم الإنس والجن .فما من نبي في السابقين إلا كان مبعوثا في قومه وعلى فترة من الزمن .لكن رسول الله محمدا صلى الله عليه وسلم قد نيط به وجوب التبليغ للثقلين طوال الزمن حتى لا يكون من بعده نبي البتة .
قوله:{الذي له ملك السموات والأرض} الذي ،في موضع نصب على المدح ،أو في موضع جر صفة لاسم الجلالة ،أو خير لمبتدأ محذوف .وهذا تعظيم لله جل جلاله بأنه المالك لكل شيء .ومن بين السموات والأرض بما فيهن وما بينهم من كائنات ومخلوقات .
قوله:{لا إله إلا هو يحي ويميت} ذلك بيان للقول السابق .فإن الذي يملك العالمين كان هو الإله وحده دون غيره من الأنداد .وكذلك كونه موصوفا بالإحياء والإماتة دون غيره ،تحقيق لتفرده بالإلهية ؛فهو وحده حقيق أن تعبده الخليقة ،وأن يذعن له العباد بالطاعة والامتثال .
قوله:{فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلمته} ذلك تأكيد على وجوب الإيمان بالله وبرسله هذا النبي الذي قدر له أن يكون أميا .فما كان ليقرأ كتابا ولا يخطه بيده .وهو عليه الصلاة والسلام موصوف بأنه أول المؤمنين بالله وبكلماته وهي القرآن .وقيل: كلماته يراد بها الكتب الإلهية التي أنزلت عليه وعلى النبيين من قبله .
قوله:{واتبعوه لعلكم تهتدون} ذلك تعليل للأمر بالإيمان بالله ورسوله النبي الأمي واتباع ما جاء به من عند الله ؛فإنهم إن آمنوا واتبعوا فسوف يحظون من الله بالهداية والتوفيق{[1541]} .